(.. أنا ما أحد فاهمني..)، (.. أنا ما أخذت فرصتي..)، (.. في ناس قاعدين يعملوا ضدّي..).. وسيل هائل من مثل هذه الجُمل.

ماذا تمثّل هذه العبارات؟

هذه العبارات ليس محفوظة عن ظهر قلب وترددها بعض الألسنة من الذاكرة.. ولكنها منتج متجدد في كل مرة.. لأنها باختصار: طريقة تفكير. ولنكون أكثر دقة: طريقة تفكير مشوّهة. فالذهنية المشوهة تعمل دائما كمصدر ذاتي لتطمين الشخص أنه (على ما يرام).. وأن ما يحدث له ليس نتيجة قصور في أدائه أو مهاراته أو طريقة تفكيره.. ولكنه نتيجة حظه العاثر الذي أوقعه في بيئة لا تقدّر مواهبه وعبقريته وطريقة تفكيره.

هذه الذهنية تعشق الإخفاق والفشل.. ليس عشقا في ذاته؛ فالإنسان لا يحب الإخفاق والفشل، ولكن تعشقه فقط.. لتلقي باللوم على الآخرين (.. الآخرين هم سبب فشلي..). والمضحك.. أن كل من يحدّثهم عن طرق للخروج من هذا المأزق الذهني.. يرفضون كل حديثه جملة وتفصيلا.. فعشق إلقاء اللوم على الآخرين له قيمة عالية عندهم ليس من السهل التخلص منها.

سيمضي الوقت.. وتظل العقلية المشوهّة ثابتة في مكانها.. أصحاب العقليات الحيوية يتقدمون ويتطورون وينجزون.. والعقلية المشوهة ثابتة على موقفها المتذمر.. وهذا له أسبابه.. فالتقدم والتطور والإنجاز يفقدها لذة الإحساس بالتفوق على الآخرين عبر إلصاق أسباب الفشل بهم.

إذا ما هو الحل؟

التخلص من العقلية المشوهة يحتاج إلى وعي وإدراك.. يحتاج أن يدرك الشخص أن عقليته غير حيوية.. هنا تكون نقطة الانطلاق. ومن هذه النقطة الحرجة.. الصّعبة حقا على كل صاحب عقلية مشوهة -اكتشاف أنه (عقلية مشوّهة)- تبدأ مرحلة تحويل الذهنية من مشوّهة إلى حيوية. الرحلة ليست طويلة.. هي فقط تحتاج إلى معرفة الآليات التي تصنع الفرق.

حقوق الصورة البارزة: Unsplash Zuzana Ruttkay